لا أسوأ من رفقةٍ سيئةٍ قد تقاسمك قلقك المنهك في مثل هذه المساءات الباردة وتفترش معك رصيف فضاءك الإفتراضي، وكأنك سجين ليس عليه سوى الإستسلام لهذه السوء الملاصق لك كظلّ .
لا وجهة جيدة كي يبدأ أحدنا الترحال صوبها، ولا نساء في الضفة الأخرى من السهر يبرعن في تخليصك من استفزازٍ سيءٍ ، كلما حاولتَ تجاوزه ، ظهر أمامك كفكرةٍ مفككةٍ ، ولازمةٍ بائسة ومُرْهًقةٍ بعض الشيء.
لا تجد ما تدفع به هذا الشعور ، وعليك أن تدرك أن لا تواجد لما يمكن أن يكون جيداً ،لينفخ في ذاكرتك الموغلة في الإنهيار الحياة والتجدد.
ربما تصل ورفقتك السيئة إلى ما يشبه الهدنة ، كمحاولةٍ علَّها تنجح في إيقاف نزفك لكل ما هو جيدٌُ من مشاعرك الخضراء والنديَّة .
لا عزاءات كافية لتمنحك الإطمئنان اللازم لمواصلة الحياة،
ولا أحدٌ في الجوار يتحسس وجعك المغلق عليك ، والأشبه بتجاعيد شيخوخة مزمنةٍ ، لا تكاد تفارق وجه المدينة المنذور للوجع والفراغات الميتة.
تقاوم - كأعزلٍ ووحيدٍ - التّمدٌّد المتقن لكل الخيانات المتفاقمة ، وتود لو تحظى بمنفى إفتراضيٍ يمنحك العزُلة، ويدفع عنك نوبات الجزع والتشاؤم ، إزاء ما حدث وسيحدث في هذا البلد الممتلئ بالضغائن والأحقاد.
ليس هناك ما هو أتعس من عقليةٍ أدمنتْ العيش في مستنقع التبرير لكل ماهو سيءٌ ، واستسلمتْ - بيقين من يؤدي واجباً وطنياً- لكل هذا الكم الهائل من السوء المتدفق ،في خطوةٍ إستطاعتْ تجريد أولئك من كل ما يستر عوراتهم ، وينال من كبريائهم وكرامتهم الممتهنة.
لم يقم الحوثيون بشيء سوى أنهم وجدوا
- وهم يخوضون معاركهم المقدسة - منْ أبدى إستعداده المطلق لأن يعيش متحللاً من كرامته ومقياسه الإخلاقي وفطرته السليمة.
لم يعد أمام الحوثيين القوة القادرة على ردعهم- بحسب ما يعتقده الحوثيون أنفسهم - وبحسب الواقع الذي يملك الحوثي رسم ملامحه وتحديد أولوياته ومهامه المستقبلية ،
دونما وعي بخطورة ما سيقدم عليه الحوثيون في قادم الأيام وتداعياته داخلياً وخارجياً.
يتجاهل الحوثيون حاجة البلد لسلطة تتولى إدارة البلد ، لا لقاتلٍ وبذهنية منتقم،
تمكن أخيراً - كشريرٍ - من الإمساك بزمام حياتنا، معتقداً أنْ ليس علينا سوى الإنتظار والترقب للحظة عفوٍ سخية ، ربما لن تكون بعيدة عن العفو النبوي الكريم
: إذهبوا فأنتم الطلقاء.
سنقف في وجه كل هذا السوء مفرغين إلَّا من أحلامنا ، وسنكون أكثر جلداً ونحن نضغط على زناد حناجرنا الناشفة، وبتحدٍ لا تنقصه الإرادة لمواجهة كل هذا الصلف والغرور، وسندفع السوء لأن يقف مكتوف الأيدي ، وعاجزاً عن إستخدام ترسانة أسلحته المنهوبة ، وسنجرده من كل أخلاقيات المحارب النبيل ، وسنخوض معركتنا الأخيرة
مرددين- مع الشاعر العربي أحمد بخيت- وبصوت عالٍ
أقْوَى انْتِصَارَات الْحَدِيدِ هَزيْمَةٌُ
وَالْبُنْدٌقيَّةُ ....مُوْمِسٌُ مُحْتَلَّةْ